ليلة من عمر الزمان
كان الشبح العظيم الذي غطى السماء يطاردني و كنت أعدو أمامه بسرعة الجنون؛و هو يرسل عليَ جنوده الذين أحسست أنهم يتلذذون بصرعي كل مرة و أنا أواصل القيام و الجري من أمام وجوههم الكالحة المظلمة المستبدة الجبارة المتحجرة و كأنهم يستعرضون عضلاتهم عليَ.
كلما سقطت أمامهم كانواْ يزدادون شراسة و كأنهم أسد كواسر تنقض على طريدة ضعيفة...
أصرخ في وجههم ألا ترحموني...هل نزعت الرحمة من قلوبكم..؟؟؟...
لقد أحسست أنهم يسخرون مني و من ضعفي أمامهم..لم أستطيع أن أرد عليهم الصفع بل حتى لم استطع تلافيه...
جريت و اتكأت على شجرة و اعتصمت بها....
لم ينفع حينها أي اعتصام ملأ الرعب أركان قلبي و أحسست كأنما يصعد فؤادي و ينتزع من جسدي..
و فجأة دوى صوت الرعد مفجراً في نفسي بقية خوف كنت أدخره للأيام كتاجر يحتكر بضاعته...
و انفتحت السماء بماء منهمر و الريح تعبث بي ترميني من حجر إلى حجر..لم أعرف يميناً أو يساراً لم أعرف شرقاً و لا غرباً... و تشتد الريح و تتحول لإعصار دام كان يقتلع الشجر من الأرض اقتلاعاً و يبعث به إلى الفضاء ... و السهل تغمره المياه ... كنت متشبثاً بشجرة ضخمة أطالع تناشر الأشجار و الأحجار أمامي...كنت أدرك أن دوري قادم و كان رجائي التأخر..
اقتلع الإعصار شجيرتي[هذا وصفها مع ضخامتها] و طرت في الهواء بعيداً ..لم أنظر لنفسي أني سوبر مان أطير في الهواء و لا بات مان أو زورو لم أحس بحريتي و اعتاقي من جاذبية الأرض التي طالما تمنيت أن أتمرد عليها و أطير في الجو...
لم أحس بكل تلك "المشاعر الجميلة" و "العبارات الدفاقة" فقد كانت ساعة جد فحياتي على الهاوية...
بحثت عن الأمل فإذا به اليأس و بحثت عن الرجاء فإذا به الخوف عينه..
و في غمرة خواطري هذه حملتني مياه التيار الجارف لتندفع بي نحو الشلال...
كان الشلال ضخماً و تياره قوياً بما يكفي ليحسب برجاً من مفاخر المدنية اليوم..
كانت هاويته كافية جداً لتصيبك بالدوار من أول نظرة...
كانت جذوع الشجر الضخمة تسقط فلا أسمع لها صوتاُ و كذلك الصخور العظيمة...و دوي الرعد يقصف فيرتد صداه على الجبال المحيطة و يزداد الرعب الذي أمتلآت منه حتى الثمالة...و جاء دوري في هذه أيضاً...يا الله...
كنت أبحث عن قشة اتمسك بها ..عل نجاتي تكون بها و لكن...
كان المشهد أكثر من مرعب ..تخيل أن حياتك على الهاوية و روحك تتسرب منك ببطء كما تخرج القطرة من فيَ الصنبور...
أكثرت من الاستغفار و التسبيح و التشهد و أغمضت عيني ليلقني التيار الجارف إلى النهر الجاري أسفل الشلال...لم أنظر إليه على أنه منظر جميل و من حسن صنع البديع العزيز ... لم أفكر لو كان معي كاميرا لألتقطت صوراً من هذا المكان التحفة...
و أخيراً أتت ساعة الوداع الأخير....
ألقيت على الدنيا سلام الوداع...و تنفست آخر نفسات العمر وددت لو كان معي يراع و قرطاس لأكتب شعور المفارق الحزين...
سقطت سقوط التمثال العظيم في ساحة المدينة الكبيرة...أعذروني فقد رأيت أن أعيش لحظة كبرياء وسط زحمة اليأس و الخوف...
و وسط هذه المشاعر كان فرج الله الكبير ...
أرأيتم الأعاصير التي كانت تتقاذفني بسخرية .. قدر الله أن يكون فرجي على يديها... انتشلتني من وسط المياه المتلاطمة لتلقي بي بعيداً عن الشلال و تدفعني موجة أمام كوخ متهالك...
نظرت إلى الكوخ نظرة بين لهفة الفرج و حذر الآمن...
كان الكوخ يتمايل تمايل الأغصان يمنة و يسرى...خشيت على نفسي الهلاك و كأني في مأمن..
انصرفت أبحث عن مكان آوي إليه فخرج إلي الشيخ الطاعن في السن ذو اللحية البيضاء الكثة و الشعر المسترسل و اللون الأشقر كانت التجاعيد تملأ وجهه و احدوداب ظهره كالذلاقة التي كنا نلعب بها عن الصغر..
ناداني بصوت لهف:يا بني تعال إلى الداخل...
قلت له بسخرية و تهكم:إلى الداخل..كأنك تناديني للأمان..أخشيت الموت وحيداً فناديتني..
فقال:الداخل آمن ؛تعال يا بني..
قلت:ما بالك هل خرفت حتى ترى هذا الكوخ المتهالك آمناً في هذه الليلة العاصفة؟
قال:كف عن الثرثرة؛قلت لك الداخل آمن..
استغربت من ثقته في كوخه البائس و دخلت..و كان لم أتوقعه أبداً..
بالفعل لقد كان كوخه آمنا بما يكفي ؛فلم يكن الكوخ المتهالك إلا سوراً خارجياً و الداخل مبني بما يكفي من الحديد و الأسمنت ليصمد أمام مجرفة ميكانيكية..
أحسست بخجل بالغ من الشيخ حاولت الاعتذار فاستدركني قائلاً:لا عليك يا بني..و قدم لي حساءً و غطاءً و قال لي:نم و استرح..
قبل الانطلاق في رحلة الأحلام قلت في نفسي :لماذا لم أفكر أن هذا "الخرف" قد يكون محقاً؟؟
لماذا تكلمت معه بهذه الطريقة؟؟
كيف يمكن أن أنظر في وجهه و أكلمه؟؟
آه آه؛ثم انطلقت إلى عالم الأحلام السعيدة.
كان الشبح العظيم الذي غطى السماء يطاردني و كنت أعدو أمامه بسرعة الجنون؛و هو يرسل عليَ جنوده الذين أحسست أنهم يتلذذون بصرعي كل مرة و أنا أواصل القيام و الجري من أمام وجوههم الكالحة المظلمة المستبدة الجبارة المتحجرة و كأنهم يستعرضون عضلاتهم عليَ.
كلما سقطت أمامهم كانواْ يزدادون شراسة و كأنهم أسد كواسر تنقض على طريدة ضعيفة...
أصرخ في وجههم ألا ترحموني...هل نزعت الرحمة من قلوبكم..؟؟؟...
لقد أحسست أنهم يسخرون مني و من ضعفي أمامهم..لم أستطيع أن أرد عليهم الصفع بل حتى لم استطع تلافيه...
جريت و اتكأت على شجرة و اعتصمت بها....
لم ينفع حينها أي اعتصام ملأ الرعب أركان قلبي و أحسست كأنما يصعد فؤادي و ينتزع من جسدي..
و فجأة دوى صوت الرعد مفجراً في نفسي بقية خوف كنت أدخره للأيام كتاجر يحتكر بضاعته...
و انفتحت السماء بماء منهمر و الريح تعبث بي ترميني من حجر إلى حجر..لم أعرف يميناً أو يساراً لم أعرف شرقاً و لا غرباً... و تشتد الريح و تتحول لإعصار دام كان يقتلع الشجر من الأرض اقتلاعاً و يبعث به إلى الفضاء ... و السهل تغمره المياه ... كنت متشبثاً بشجرة ضخمة أطالع تناشر الأشجار و الأحجار أمامي...كنت أدرك أن دوري قادم و كان رجائي التأخر..
اقتلع الإعصار شجيرتي[هذا وصفها مع ضخامتها] و طرت في الهواء بعيداً ..لم أنظر لنفسي أني سوبر مان أطير في الهواء و لا بات مان أو زورو لم أحس بحريتي و اعتاقي من جاذبية الأرض التي طالما تمنيت أن أتمرد عليها و أطير في الجو...
لم أحس بكل تلك "المشاعر الجميلة" و "العبارات الدفاقة" فقد كانت ساعة جد فحياتي على الهاوية...
بحثت عن الأمل فإذا به اليأس و بحثت عن الرجاء فإذا به الخوف عينه..
و في غمرة خواطري هذه حملتني مياه التيار الجارف لتندفع بي نحو الشلال...
كان الشلال ضخماً و تياره قوياً بما يكفي ليحسب برجاً من مفاخر المدنية اليوم..
كانت هاويته كافية جداً لتصيبك بالدوار من أول نظرة...
كانت جذوع الشجر الضخمة تسقط فلا أسمع لها صوتاُ و كذلك الصخور العظيمة...و دوي الرعد يقصف فيرتد صداه على الجبال المحيطة و يزداد الرعب الذي أمتلآت منه حتى الثمالة...و جاء دوري في هذه أيضاً...يا الله...
كنت أبحث عن قشة اتمسك بها ..عل نجاتي تكون بها و لكن...
كان المشهد أكثر من مرعب ..تخيل أن حياتك على الهاوية و روحك تتسرب منك ببطء كما تخرج القطرة من فيَ الصنبور...
أكثرت من الاستغفار و التسبيح و التشهد و أغمضت عيني ليلقني التيار الجارف إلى النهر الجاري أسفل الشلال...لم أنظر إليه على أنه منظر جميل و من حسن صنع البديع العزيز ... لم أفكر لو كان معي كاميرا لألتقطت صوراً من هذا المكان التحفة...
و أخيراً أتت ساعة الوداع الأخير....
ألقيت على الدنيا سلام الوداع...و تنفست آخر نفسات العمر وددت لو كان معي يراع و قرطاس لأكتب شعور المفارق الحزين...
سقطت سقوط التمثال العظيم في ساحة المدينة الكبيرة...أعذروني فقد رأيت أن أعيش لحظة كبرياء وسط زحمة اليأس و الخوف...
و وسط هذه المشاعر كان فرج الله الكبير ...
أرأيتم الأعاصير التي كانت تتقاذفني بسخرية .. قدر الله أن يكون فرجي على يديها... انتشلتني من وسط المياه المتلاطمة لتلقي بي بعيداً عن الشلال و تدفعني موجة أمام كوخ متهالك...
نظرت إلى الكوخ نظرة بين لهفة الفرج و حذر الآمن...
كان الكوخ يتمايل تمايل الأغصان يمنة و يسرى...خشيت على نفسي الهلاك و كأني في مأمن..
انصرفت أبحث عن مكان آوي إليه فخرج إلي الشيخ الطاعن في السن ذو اللحية البيضاء الكثة و الشعر المسترسل و اللون الأشقر كانت التجاعيد تملأ وجهه و احدوداب ظهره كالذلاقة التي كنا نلعب بها عن الصغر..
ناداني بصوت لهف:يا بني تعال إلى الداخل...
قلت له بسخرية و تهكم:إلى الداخل..كأنك تناديني للأمان..أخشيت الموت وحيداً فناديتني..
فقال:الداخل آمن ؛تعال يا بني..
قلت:ما بالك هل خرفت حتى ترى هذا الكوخ المتهالك آمناً في هذه الليلة العاصفة؟
قال:كف عن الثرثرة؛قلت لك الداخل آمن..
استغربت من ثقته في كوخه البائس و دخلت..و كان لم أتوقعه أبداً..
بالفعل لقد كان كوخه آمنا بما يكفي ؛فلم يكن الكوخ المتهالك إلا سوراً خارجياً و الداخل مبني بما يكفي من الحديد و الأسمنت ليصمد أمام مجرفة ميكانيكية..
أحسست بخجل بالغ من الشيخ حاولت الاعتذار فاستدركني قائلاً:لا عليك يا بني..و قدم لي حساءً و غطاءً و قال لي:نم و استرح..
قبل الانطلاق في رحلة الأحلام قلت في نفسي :لماذا لم أفكر أن هذا "الخرف" قد يكون محقاً؟؟
لماذا تكلمت معه بهذه الطريقة؟؟
كيف يمكن أن أنظر في وجهه و أكلمه؟؟
آه آه؛ثم انطلقت إلى عالم الأحلام السعيدة.